الأحد، 7 يناير 2018

ليس من الضروري أن من أخطأت معك ستخطئ مع غيرك

ليس من الضروري أن الفتاة غير المحصنة التي أخطأت معك عن خداع منك قبل زواجها أنها ستخطئ مع غيرك بعد زواجها منك .
فإن عجزت أن تذهب للقاضي لتقر له بزناك منها ليجلد ظهرك أمام طائفة من المؤمنين ليشهدوا عذابك المعنوي والحسي إن كنت غير محصن ، أو لرجمك حتى الموت إن كنت محصن ، فمن الرجولة والشجاعة أن تتحمل خطأ نفسك وتركب الصعاب وتتزوجها ولا تُحمل خطأك وخطأها لأهلها أو لزوج أخر قد يُطلقها ليلة عُرسها وتكون النتيجة قتلها من قبل أهلها الجهلة بدين رب العالمين ، فليس من الرجولة أن تخاف من الجلد أو لأنك لا تقبلها زوجة لك لخطئِها معك فتتركها تُقتل عياذاً بالله ظلماً لأنها غير محصنة وأنت السبب في هذا القتل ، فإن تحققت من قتل أهلها الجهلة لها فاتق الله وتزوجها ولو في قسم الشرطة أو في المحكمة إن رفض وليها أن يزوجها لك ، وهي مثلك في الإثم إن لم تكن أنت أشد منها إثما فخطؤها هي واحد وهو الزنا أما أنت فقد زدت على الزنا أن خدعتها بالزواج ولم تتزوجها ، وأعلم أن تحققك من قتل أهلها لها وهي غير محصنة فأنت شريك لهم في القتل !!
وإن لم تتحقق من قتلها فزواجك منها أيضا ستر لها .
وكذلك ليس من الضروري أن الفتاة التي أخطأت مع غيرك قبل زواجها منك أنها ستخطئ معه أو مع غيره بعد زواجها منك ، فإن تحقق لك في ليلة العُرس زنها مع غيرك قبل زواجها منك وأردت طلاقها فلا تستبعد أيضاً اغتصابها أو وقوعها من مكان على أو ضربها على ظهرها غشوم جهول ، فإن عزمت على الطلاق فالأولى لك أن لا تطلقها ليلة العُرس خاصة إن كنت في مجتمع جاهل أو مجتمع كل الأخبار مكشوفة فيه ، بل تحامل على نفسك أياماً ثم تحايل أمام الناس بمشكلة أخرى هي أصغر من هذه التي تمس العِرض وطلقها لأجلها ، وإن تيقنت من توبتها وندمها وأردت أن تبقيها زوجة لك فهذا من تمام الستر عليها وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ )) . أخرجه مسلم في صحيحه (2699) ، والنساء شقائق الرجال بل إن المرأة أولى بالستر من الرجل . وكل ابن آدم خطاء ولكن الأخطاء متنوعة فبعض الناس يقعون في الكبائر من غير استحلال منهم فهذا يزني وهذا يأكل الربا وهذا يشرب الخمر وهذا يقذف المحصنات إلى غير ذلك من الكبائر ، وبعض الناس يقعون في الصغائر وما أكثرها ومن تاب تاب الله عليه . فعقيدة السلف من أهل السنة والجماعة أن مرتكب الكبيرة بغير استحلال منه لها ليس بكافر بل هو مسلم عاصي إن تاب منها تاب الله عليه وإن مات بغير توبة فأمره موكل إلى الله إن شاء عذبه بها ثم أدخله الجنة لإيمانه به وبرسوله محمد صلى الله عليه وسلم وغيره من الأنبياء والكتب التي أُنزلت عليهم وإن شاء غفر له وأدخله الجنة بغير عذاب فرحمته سبقت غضبه قال القحطاني رحمه الله في نونيته :
(( لسنا نكفر مسلماً بكبيرة * فالله ذو عفو وذو غفران ))
سترني الله وإياك والمسلمين بستره الجميل وعفر لنا ذنوبنا .

وكتبه / ضاحي الغندور

الجمعة، 5 يناير 2018

حكم إمامة ولد الزنا

حكم إمامة ولد الزنا
أخرج الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه :
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللهِ ... )) (1) .
وفي السنن الكبرى للبيهقي رحمه الله :
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا , قَالَتْ فِي وَلَدِ الزِّنَا : لَيْسَ عَلَيْهِ مِنْ وِزْرِ أَبَوَيْهِ شَيْءٌ { لَا تَزِرُ } [ الأنعام: 164 ] وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى . رَفَعَهُ بَعْضُ الضُّعَفَاءِ , وَالصَّحِيحُ مَوْقُوفٌ . (2).
وفي المصنف لابن أبي شيبة رحمه الله (3) :
عن الزهري ، قال : (( كان أئمة من ذلك العمل )) يعني من أولاد الزنا (أ) . وعن إبراهيم ، قال : (( لا بأس أن يؤم ولد الزنا )) (ب). وعن الشعبي قال : (( تجوز شهادته ويؤم )) (ج) . وعن الشعبي أيضاً ، أنه سئل عن إمامة ولد الزنا ، فقال : (( إن لنا إماما ما نعرف له أبا )) (د). وعن إبراهيم قال : (( لا بأس أن يؤم ولد الزنا )) (هـ) . وعن أبي حنيفة، قال: سألت عطاء، عن ولد الزنا يؤم القوم، فقال: (( لا بأس به، أليس منهم من هو أكثر صوما وصلاة منا )) (و) . وعن إبراهيم، قال : (( لا بأس أن يؤم ولد الزنا )) (ز) . وعن الحسن، قال : (( ولد الزنا، وغيره سواء )) (ح). وسئل الحارث العكلي، عن ولد الزنا يؤم ؟ قال : (( نعم )) (ط) . وعن عائشة، أنها كانت إذا سئلت عن ولد الزنا قالت: (( ليس عليه من خطيئة أبويه شيء لا تزر وازرة وزر أخرى )) (ي) .
وقال ابن عبد البر رحمه الله : (( لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْآثَارِ الْوَارِدَةِ فِي شَرْطِ الْإِمَامَةِ فِي الصَّلَاةِ مَا يَدُلُّ عَلَى مُرَاعَاةِ نَسَبٍ وَإِنَّمَا فِيهِ الدَّلَالَةُ عَلَى الْفِقْهِ وَالْقِرَاءَةِ وَالصَّلَاحِ فِي الدِّينِ )) (4).
وقال ابن قدامة رحمه الله : (( وَلَا تُكْرَهُ إمَامَةُ وَلَدِ الزِّنَا إذَا سَلِمَ دِينُهُ. قَالَ عَطَاءٌ: لَهُ أَنْ يَؤُمَّ إذَا كَانَ مَرْضِيًّا، وَبِهِ قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى، وَالْحَسَنُ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالزُّهْرِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَإِسْحَاقُ )) (5).
وفي المجموع للنووي رحمه الله : (( قَالَ الْجُمْهُورُ لَا بَأْسَ بِهِ مِمَّنْ قَالَ بِهِ عَائِشَةُ أَمُّ المؤمنين وعطاء [و] الحسن وَالزُّهْرِيُّ وَالنَّخَعِيُّ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ موسى والثوري والاوزاعي واحمد واسحق وداود وابن المنذر )) (6).
وقال ابن حجر رحمه الله في فتح الباري : (( وَإِلَى صِحَّةِ إِمَامَةِ وَلَدِ الزِّنَا ذَهَبَ الْجُمْهُورُ )) (7).
وسئلت اللجنة الدائمة هل يكون ابن الزنا إماما للناس ؟
فأجابت اللجنة : (( الأصل أن ولد الزنا في الإمامة كغيره لعموم قوله سبحانه ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ) وقوله عليه الصلاة والسلام ( يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله ) الحديث ، ولا تأثير لوزر أمه ، ومن زنا بها عليه ؛ لقوله سبحانه وتعالى ( وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) )) (8).
قلت ( ابن الغندور ) : وأما إن كان الأمر سيترتب عليه في المسجد أو في غيره فتنة بين الناس لتعصب مذهبي أو لنسب أو سيعرض هذا الإمام لقتل أو أذى محقق من بعض الجهال فالأولى إذا إمامة غيره لحين أن يتعلم الناس الحكم ويقبلوه بصدور منشرحة فقد بوب الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه باباً فقال : (( باب : العلم قبل القول والعمل )) (9) والله أعلم .
جمع وترتيب / ضاحي الغندور
ـــــــــــــــــــــــ
(1) صحيح مسلم ( 673 ).
(2) السنن الكبرى للبيهقي ( 19992) أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ , أنبأ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ اللَّخْمِيُّ , ثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ , ثنا أَبُو نُعَيْمٍ , ثنا سُفْيَانُ , عَنْ هِشَامٍ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَائِشَةَ ... الحديث .
(3) المصنف لابن أبي شيبة (2 / 29 ) :
(أ) ( 6087 ) حدثنا أبو بكر قال : حدثنا وكيع، قال: حدثنا سفيان، عن برد أبي العلاء، عن الزهري ...
(ب) ( 6088 ) حدثنا وكيع ، قال : حدثنا سفيان ، عن حماد، عن إبراهيم ...
(ج) ( 6089 ) حدثنا وكيع ، قال : حدثنا سفيان ، عن زهير بن أبي ثابت العبسي، قال : سمعت الشعبي ، يقول ...
(د) ( 6090 ) حدثنا هشيم، عن مطرف، عن الشعبي، أنه سئل عن إمامة ولد الزنا ...
(هـ) ( 6091 ) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن الأعمش، عن إبراهيم ...
(و) ( 6092 ) حدثنا وكيع، قال : حدثنا أبو حنيفة قال: سألت عطاء ...
(ز) ( 6093 ) حدثنا ابن فضيل، عن مطرف، عن حماد، عن إبراهيم ...
(ح) ( 46090 ) حدثنا وكيع، عن سفيان، عن يونس، عن الحسن، قال : ...
(ط) ( 6095 ) حدثنا زيد بن الحباب، عن الربيع بن المنذر الثوري، قال: سألت الحارث العكلي ...
(ي) ( 6096 ) حدثنا وكيع، قال: نا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، ...
(4) الإستذكار لابن عبد البر ( 2 / 168 ).
(5) المغني لابن قدامة ( 2 / 169 ).
(6) المجموع للنووي ( 4 / 290 ).
(7) فتح الباري لابن حجر ( 2 / 185 ).
(8) فتاوى اللجنة الدائمة رقم الفتوى (2857) ( 7 / 392 ).

(9) صحيح البخاري ( 1 / 24 ).