الثلاثاء، 21 نوفمبر 2017

تابع / بابُ الصُّفوفِ من كتاب عمدة الأحكام

تابع / بابُ الصُّفوفِ من كتاب عمدة الأحكام :
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه : (( أَنَّ جَدَّتَهُ مُلَيْكَةَ دَعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِطَعَامٍ صَنَعَتْهُ , فَأَكَلَ مِنْهُ , ثُمَّ قَالَ : قُومُوا فَلأُصَلِّيَ لَكُمْ ؟ قَالَ أَنَسٌ: فَقُمْتُ إلَى حَصِيرٍ لَنَا قَدْ اسْوَدَّ مِنْ طُولِ مَا لُبِسَ, فَنَضَحْتُهُ بِمَاءٍ, فَقَامَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم وَصَفَفْتُ أَنَا وَالْيَتِيمُ وَرَاءَهُ, وَالْعَجُوزُ مِنْ وَرَائِنَا. فَصَلَّى لَنَا رَكْعَتَيْنِ, ثُمَّ انْصَرَفَ )) (1) .
 قال الترمذي رحمه الله بعد أن خرجه : (( وَالعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ، قَالُوا : إِذَا كَانَ مَعَ الإِمَامِ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ قَامَ الرَّجُلُ عَنْ يَمِينِ الإِمَامِ وَالمَرْأَةُ خَلْفَهُمَا )) (2) .
وقال النووي رحمه الله : (( وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ إِجَابَةُ الدَّعْوَة وَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَلِيمَةَ عُرْسٍ وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ إِجَابَتَهَا مَشْرُوعَةٌ لَكِنْ هَلْ إِجَابَتُهَا وَاجِبَةٌ أَمْ فَرْضُ كِفَايَةٍ أَمْ سُنَّةٌ فِيهِ خِلَافٌ مَشْهُورٌ لِأَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ وَظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ الْإِيجَابُ )) (3) .
وقال ابن دقيق العيد رحمه الله : وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ التَّوَاضُعِ، وَإِجَابَةِ دَعْوَةِ الدَّاعِي. وَيُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى إجَابَةِ أُولِي الْفَضْلِ لِمَنْ دَعَاهُمْ لِغَيْرِ الْوَلِيمَةِ )) (4) .
وقال ابن دقيق العيد رحمه الله : (( وفِيهِ أَيْضًا : جَوَازُ الصَّلَاةِ لِلتَّعْلِيمِ، أَوْ لِحُصُولِ الْبَرَكَةِ بِالِاجْتِمَاعِ فِيهَا، أَوْ بِإِقَامَتِهَا فِي الْمَكَانِ الْمَخْصُوصِ . وَهُوَ الَّذِي قَدْ يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ " لَكُمْ " )) (5) .
وقال النووي رحمه الله : (( قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم : (( قوموا فلأصلي لَكُمْ )) فِيهِ جَوَازُ النَّافِلَةِ جَمَاعَةً ... فَقَالَ بَعْضُهُمْ وَلَعَلَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نَشْرَبَ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَأَنْ نَأْكُلَ فِيهَا، وَعَنْ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ، وَأَنْ نَجْلِسَ عَلَيْهِ أَرَادَ تَعْلِيمَهُمْ أَفْعَالَ الصَّلَاةِ مُشَاهَدَةً مَعَ تَبْرِيكِهِمْ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ قَلَّمَا تُشَاهِدُ أَفْعَالَهُ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَسْجِدِ فَأَرَادَ أَنْ تُشَاهِدَهَا وَتَتَعَلَّمَهَا وَتُعَلِّمَهَا غَيْرَهَا )) (6) .
و قال ابن دقيق العيد رحمه الله :  (( أُخِذَ مِنْهُ : أَنَّ الِافْتِرَاشَ يُطْلَقُ عَلَيْهِ لِبَاسٌ )) (7) .
وقال ابن القيم رحمه الله بعد أن ذكر الحديث الذي في صحيح البخاري ( 5838 ) عن حذيفة رضي الله عنه قال : (( نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ... عَنْ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ، وَأَنْ نَجْلِسَ عَلَيْهِ  ... )) قال [ أي : ابن القيم ] : (( لَوْ لَمْ يَأْتِ هَذَا النَّصُّ لَكَانَ النَّهْيُ عَنْ لُبْسِهِ مُتَنَاوِلًا لِافْتِرَاشِهِ كَمَا هُوَ مُتَنَاوِلٌ لِلِالْتِحَافِ بِهِ، وَذَلِكَ لُبْسٌ لُغَةً وَشَرْعًا
كَمَا قَالَ أَنَسٌ : قُمْت إلَى حَصِيرٍ لَنَا قَدْ اسْوَدَّ مِنْ طُولِ مَا لُبِسَ )) (8) .
وفي حديث أنس السابق قال رضي الله عنه : (( ... فَقُمْتُ إلَى حَصِيرٍ لَنَا قَدْ اسْوَدَّ مِنْ طُولِ مَا لُبِسَ, فَنَضَحْتُهُ بِمَاءٍ ... )) قال ابن دقيق العيد رحمه الله : (( قَوْلُهُ " فَنَضَحْتُهُ " النَّضْحُ : يُطْلَقُ عَلَى الْغُسْلِ، وَيُطْلَقُ عَلَى مَا دُونَهُ. وَهُوَ الْأَشْهَرُ. فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ الْغُسْلَ. فَيَكُونَ ذَلِكَ لِأَحَدِ أَمْرَيْنِ، إمَّا لِمَصْلَحَةٍ دُنْيَوِيَّةٍ وَهِيَ تَلْيِينُهُ وَتَهْيِئَتُهُ لِلْجُلُوسِ عَلَيْهِ، وَإِمَّا لِمَصْلَحَةٍ دِينِيَّةٍ، وَهِيَ طَلَبُ طَهَارَتِهِ، وَزَوَالُ مَا يَعْرِضُ
مِنْ الشَّكِّ فِي نَجَاسَتِهِ، لِطُولِ لُبْسِهِ )) (9) .
وقال ابن دقيق العيد رحمه الله : (( قَوْلُهُ " فَصَفَفْتُ أَنَا وَالْيَتِيمُ وَرَاءَهُ " حُجَّةٌ لِجُمْهُورِ الْأُمَّةِ فِي أَنَّ مَوْقِفَ الِاثْنَيْنِ وَرَاءَ الْإِمَامِ ... وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لِلصَّبِيِّ مَوْقِفًا فِي الصَّفِّ. وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَوْقِفَ الْمَرْأَةِ وَرَاءَ مَوْقِفِ الصَّبِيِّ )) (10) .
جمع وترتيب / ضاحي الغندور
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) عند البخاري (380 ) (( فلأصل لكم )) وعنده أيضاً (860) (( فلأصلي بكم ))
وعند مسلم ( 658 ) (( فَأُصَلِّيَ لَكُمْ )) وعند الترمذي ) 234) (( فَلْنُصَلِّ بِكُمْ ))
(2) سنن الترمذي (234)
(3) شرح مسلم ( 5 / 162 )
(4) إحكام الأحكام ( 1 / 221 )
(5) إحكام الأحكام ( 1 / 221 )
(6) شرح مسلم ( 5 / 162 )
(7) إحكام الأحكام ( 1 / 22 )
(8) إعلام الموقعين ( 2 / 264 )
(9) إحكام الأحكام ( 1 / 220 )
(10) إحكام الأحكام ( 1 / 221 )