الثلاثاء، 21 فبراير 2017

خطبة فضل العلم الشرعي ( مكتوبة )

📕  فضل العلم الشرعي وحث الأبناء عليه
فإن من أعظم المصائب ألتي أصيبت بها أمة الإسلام هي بُعد رجالها ونسائها وأطفالها عن التفقه في الدين وانشغالهم بالسياسة الخداعة والكرة والأفلام وما يقدمه لهم الإعلام وهذا عين ما يريده أعداء الإسلام ليتفرق جمع المسمين وتكسر شوكتهم ويكسر نابهم .
📕 إخوة الإيمان والإسلام
أبنائكم أمانة في أعناقكم ستسألون عنها عند ربكم يوم القيامة ( فإن الله سائل كل راع عم استرعاه ) فعلموهم أمور دينهم ولا تخون الأمانة التي حملتموها وقد قال الناس قديماً العلم يرفع بيوتاً لا عماد لها والجهل يخفض بيوت العز والكرم .
 وقال الله تبارك وتعالى : ((  يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ))  وقال سبحانه : (( شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ  ))  
وقال جل شأنه : (( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ
لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ))  وقال سبحانه  : (( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ )) أي أن أكثر الناس خشية لله هم العلماء .
📕 وأخرج الإمام مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
(( إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ )).
📕 وذكر السيوطي في تاريخ الخلفاء أنه قيل للمنصور [ ثاني خلفاء بني العباس ] : هل بقي من لذات الدنيا شيء لم تنله ؟
قال: (( بقيت خصلة، أن أقعد في مصطبة وحولي أصحاب الحديث )) .
أي طلبة علم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتذاكره معهم .

📕 ولذلك يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع فتاويه :
(( وَلَا رَيْبَ أَنَّ لَذَّةَ الْعِلْمِ أَعْظَمُ اللَّذَّاتِ و " اللَّذَّةُ " الَّتِي تَبْقَى بَعْدَ الْمَوْتِ وَتَنْفَعُ فِي الْآخِرَةِ هِيَ لَذَّةُ الْعِلْمِ بِاَللَّهِ وَالْعَمَلِ لَهُ وَهُوَ الْإِيمَانُ بِهِ )) .
📕 وقال ابن حزم رحمه الله في كتابه الأخلاق والسير :
لَو لم يكن من فضل الْعلم إِلَّا أَن الْجُهَّال يهابونك ويجلونك
وَأَن الْعلمَاء يحبونك ويكرمونك لَكَانَ ذَلِك سَببا إِلَى وجوب طلبه
فَكيف بِسَائِر فضائله فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة
وَلَو لم يكن من نقص الْجَهْل إِلَّا أَن صَاحبه يحْسد الْعلمَاء ويغبط نظراءه من الْجُهَّال لَكَانَ ذَلِك سَببا إِلَى وجوب الْفِرَار عَنهُ
فَكيف بِسَائِر رذائله فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة
📕 وأخرج الإمام مسلمُ في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
(( مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً
مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ، وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا، سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ )) .
 📕وأخرج أبو داود والترمذي وأحمد في مسنده والحديث صححه الألباني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا مِنْ طُرُقِ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَصْنَعُ، وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ، وَإِنَّ الْعَالِمَ يَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ حَتَّى الْحِيتَانُ فِي جَوْفِ الْمَاءِ، أَلَا وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ، إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا، وَوَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَهُ فَقَدْ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ )) .
📕 إخوة الإيمان والإسلام
أمرنا نبينا صلى الله عليه وسلم بأن نتعلم أصول ديننا فقد أخرج ابن ماجه في سننه والبيهقي في شعب الإيمان والطبراني في معاجمه الثلاثة وأبو نعيم في الحلية وابن عبد البر في جامع العلم وفضله والحديث حسنه المزي والسيوطي وصححه الألباني أنه  صلى الله عليه وسلم قال : (( طلب العلمِ فريضةٌ على كل مسلمٍ )) . قَالَ الْبَيْهَقِيُّ في المدخل :  أَرَادَ أَنَّهُ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ حَتَّى يَقُومَ بِهِ مَنْ فِيهِ الْكِفَايَةُ .
ثم نقل البييهقي عن ابن المبارك رحمه الله أنه قال : إِنَّمَا طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ , أَيْ يَقَعُ الرَّجُلُ فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ دِينِهِ , فَيَسْأَلُ عَنْهُ حَتَّى يَعْلَمَهُ .
ونقل ابن عبد البر عن أحمد رحمه أنه قال : مَعْنَاهُ عِنْدِي إِذَا قَامَ بِهِ قَوْمٌ سَقَطَ عَنِ الْبَاقِينَ مِثْلَ الْجِهَادِ  .
📕 وأخرج البخاري ومسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ )) .
📕 وأخرج الترمذي والحديث حسنه الألباني أن رسول الله ( ص ) قال :
 (( أَلاَ إِنَّ الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ مَلْعُونٌ مَا فِيهَا إِلاَّ ذِكْرُ اللهِ وَمَا وَالاَهُ وَعَالِمٌ أَوْ مُتَعَلِّمٌ )) .
📕 وأخرج ابن المبارك في الزهد والرقائق موقوفاً على أبي الدرداء رضي الله عنه أنه قال : (( الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ، مَلْعُونٌ مَا فِيهَا، إِلَّا ذِكْرَ اللَّهِ وَمَا أَدَّى إِلَيْهِ، وَالْعَالِمُ، وَالْمُتَعَلِّمُ فِي الْخَيْرِ شَرِيكَانِ، وَسَائِرُ النَّاسِ هَمَجٌ لَا خَيْرَ فِيهِمْ )) أنتهى كلامه رضي الله عنه فإن لم تستطع عبد الله أن تكون عالماً فكن متعلماً واحرص على ما ينفعك فمنذ قامت ثورات الخراب والفتن طوال هذه السنين الماضية والناس مشغولون ليلاً ونهاراً بكلام السياسيين وقالوا وقلنا وقلنا وقالوا وفلان سيرد الليلة على فلان وغداً سيرد عليه وفلان ويتلاعب الإعلاميون بعقول الناس كما يتلاعب الطفل بالكرة فاحرص عبد الله على ما ينفعك
📕 سبحان الله الناس الآن يأكلون ويشربون وينامون في بيوتهم أمنين ولا يحدثون أبنائهم بنعم الله عليهم ولا بفضل التوحيد الذي هم فيه وقد حرم الله منه كثيراً من خلقه ولا يشجعونهم على طلب العلم الشرعي فلا حديث لهم ليلاً ونهاراً أما أبنائهم إلا عن غلاء الأسعار وضيق العيش وكأن رزقهم ليس على الله وكأن رزقهم في  يد فلان وفلان ، قال سبحانه : (( وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ )) وقال سبحانه : ((وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأرْضِ إِلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ )) وقال سبحانه : (( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ )) .
📕 هذا هو الإمام سفيان الثوري، وما أدراك ما سفيان الثوري ؟! إنه فقيه العرب ومحدثهم، وأحد أصحاب المذاهب الستة المتبوعة، إنه أمير المؤمنين في الحديث الذي قال فيه زائدة : (الثوري سيد المسلمين) وصدق زائدة فهو سيدنا حقاً وإمامنا حقاً رحمه الله  وقال فيه الأوزاعي: ( لم يبق من تجتمع عليه الأمة بالرضا إلا سفيان ).
وما كان سفيان الثوري رحمه الله إلا ثمرة أم صالحة ( ليست أماً تتقلب في التلفاز من قناة إلى قناة وتضيع الساعات في الحديث مع أمها وأخواتها في الهواتف وأبناؤها في الشوارع يسبون دين الله ) قال سفيان الثوري رحمه الله تعالى: لما أردت أن أطلب العلم قلت: يا رب ! إنه لابد لي من معيشة .
ورأيت العلم يُدرس - أي: يُنسى ويُهجر - ، فكنت أفرغ نفسي لطلبه، وسألت ربي الكفاية.
وعزم رحمه الله على طلب العلم فتكفلت أمه بالإنفاق عليه،  فقالت له : (( يا بني، اطلب العلم وأنا أكفيك بمغزلي )) .
📕 إخوة الإيمان والإسلام
إن الإنفاق على طالب العلم الشرعي سبب من أساب الرزق أخرج الترمذي في سننه وقال هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ : (( كَانَ أَخَوَانِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ أَحَدُهُمَا يَأْتِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالآخَرُ يَحْتَرِفُ، فَشَكَا الْمُحْتَرِفُ أَخَاهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: لَعَلَّكَ تُرْزَقُ بِهِ )).
📕 إخوة الإيمان والإسلام إن من أعظم المصائب التي تبتلى بها أمة الإسلام موت علمائها أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهم أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال : (( إِنَّ اللَّهَ لاَ يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بِقَبْضِ العُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ
رُءُوسًا جُهَّالًا ، فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا )) .
📕 قال ابن حزم رحمه الله في كتابه الأخلاق والسير :
غاظني أهلُ الْجَهْل مرَّتَيْنِ من عمري إِحْدَاهمَا بكلامهم فِيمَا لَا يحسنونه أَيَّام جهلي ، وَالثَّانيِة بسكوتهم عَن الْكَلَام بحضرتي [ لما تعلم ] فهم أبدا ساكتون عَمَّا يَنْفَعهُمْ ناطقون فِيمَا يضرهم . وسرني أهل الْعلم مرَّتَيْنِ من عمري إِحْدَاهمَا بتعليمي أَيَّام جهلي  وَالثَّانيِة بمذاكرتي أَيَّام علمي
📕 ولذلك يقول الذهبي رحمه الله في السير :
الجَاهِلَ لاَ يَعلَمُ رُتْبَةَ نَفْسِه، فَكَيْفَ يَعْرِفُ رُتْبَةَ غَيْرِهِ .
فحثوا عباد الله أبنائكم على طلب العلم وشجعوهم عليه
فمَا الفَخْرُ إِلاَّ لأَهْلِ العِلْمِ، إِنَّهُمُ * عَلَى الهُدَى لمن اسْتَهْدَى أدلاَّءُ
وَقَدْرُ كل امرئ مَا كَانَ يُحسنهُ * والجَاهِلُون لأهلِ العِلْمِ أعداءُ

ففز بعلم تعش حياً به أبداً * فالناس موتى وأهل العلم أحياء