الأحد، 13 أغسطس 2017

حديث ابن أبي شيبة (( لَيْسَ لِأُولَئِكَ عَلَيْكُمْ طَاعَةٌ )) وبيان ضعفه

بيان ضعف هذا الحديث
▬▬▬▬▬▬▬▬
مصنف ابن أبي شيبة
37721 - خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ، عَنِ الْأَعْشَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ مُكَمِّلٍ، عَنْ أَزْهَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ أَقْبَلَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ حَاجًّا مِنَ الشَّامِ فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ , فَأَتَى عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَقَالَ: يَا عُثْمَانُ , أَلَا أُخْبِرُكَ شَيْئًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: بَلَى , قُلْتُ: فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (( سَتَكُونُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ يَأْمُرُونَكُمْ بِمَا تَعْرِفُونَ وَيَعْمَلُونَ مَا تُنْكِرُونَ , فَلَيْسَ لِأُولَئِكَ عَلَيْكُمْ طَاعَةٌ )) .
وهو حديث ضعيف معلول بالانقطاع بين أزهر بن عبد الله وبين عبادة ابن الصامت رضي الله عنه فإن أزهر بن عبد الله لم يسمع عبادة رضي الله عنه .
قال ابن سعد رحمه الله في الطبقات ( 3881 ) :
(( أزهر بن سعيد الحرازي من حمير. كان قليل الحديث. مات سنة تسع وعشرين ومائة في خلافة مروان بن محمد )) .
قال ابن حجر رحمه الله في تهذيب التهذيب ( 1 / 204 ) :
(( أزهر بن عبد الله بن جميع الحرازي الحمصي ويقال هوازهر بن سعيد. روى عن تميم الداري مرسلا وعن عبد الله بن بسر وأبي عامر الهوزني والنعمان بن بشير وغيرهم. روى عنه صفوان ابن عمرو وعمرو بن جعشم والخليل بن مرة. قال البخاري: أزهر بن عبد الله وأزهر بن سعيد وأزهر بن يزيد واحد نسبوه مرة مرادي ومرة هوزني ومرة حرازي. قلت: فهذا قول إمام أهل الأثر أن أزهر بن سعيد هو أزهر بن عبد الله ووافقه جماعة على ذلك وأما شرح حال أزهر فلم يذكر المزي شيئا منه في الترجمتين وقد قال ابن الجارود في كتاب الضعفاء كان يسب عليا. وقال أبو داود: إني لأبغض أزهر الحرازي ثم ساق بإسناده إلى أزهر قال: كنت في الخيل الذين سبوا أنس بن مالك فأتينا به الحجاج. وذكر ابن الجوزي عن الأزدي قال: "يتكلمون فيه". قلت: لم يتكلموا إلا في مذهبه وقد وثقه العجلي وفرق ابن حبان في الثقات بين أزهر بن سعيد وأزهر بن عبد الله ثم ذكر أزهر بن عبد الله الراوي عن تميم وعنه الخليل بن مرة. وقال: إن لم يكن هو الحرازي فلا أدري من هو ثم ذكر أزهر بن عبد الله. قال كنت في الخيل الذين سبوا أنسا وأخرج ذلك بسنده من طريق عبد الله بن سالم الأشعري عنه فجعل الواحد أربعة - والله الموفق - )).
قلت :
فعبادة رضي الله عنه مات سنة ( 34 هــــ )
وأزهر ابن عبد الله مات سنة ( 129هــ )
وعليه فإن بين وفاتيهما 95 سنة فيبعد أن يكون قد أدركه وسمع منه في سن تميز يتحقق فيه شرط التحمل .
فإن كان أزهر عاش مئة سنة فعمره حين وفاة عبادة رضي الله عنه خمس سنوات .
وإليك مثالين على ذلك :
1 - قال الألباني في الضعيفة ( 2 / 33 ) :
(( ثم هو منقطع لأن ضمرة لم يسمع من أبي الدرداء كما أفاده الذهبي، فإن بين وفاتيهما نحو مائة سنة )) .
2 - وقال أيضاً في الضعيفة أيضاً ( 1 / 78 ) في راوي غيره :
(( وفاة شيخه علي بن ميمون سنة (247) على أكثر الأقوال، فبين وفاتيهما نحو مائة سنة فيبعد أن يكون قد أدركه )) .
وقد جزم محققو مسند أحمد بعدم سماع أزهر من عبادة رضي الله عنه فقالوا :
(( وأزهر بن عبد الله لم يسمع عبادة )) المسند ( 37 / 431 ) ط / الرسالة .
والحديث له طرق أخرى فقد أخرجه أحمد مطولاً في مسنده عن عبادة قال رحمه الله ( 22769 ) : حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ أَبُو الْيَمَانِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُبَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ . وفي أخره (( فَقَامَ عُبَادَةُ بَيْنَ ظَهْرَيِ النَّاسِ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا الْقَاسِمِ، مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إِنَّهُ سَيَلِي أُمُورَكُمْ بَعْدِي رِجَالٌ يُعَرِّفُونَكُمْ مَا تُنْكِرُونَ، وَيُنْكِرُونَ عَلَيْكُمْ مَا تَعْرِفُونَ، فَلَا طَاعَةَ لِمَنْ عَصَى اللهَ فَلَا تَعْتَلُّوا بِرَبِّكُمْ )) .
قال محققو المسند :
(( إسناده ضعيف، إسماعيل بن عياش ضعيف في روايته عن غير أهل بلده، وهذا منها، وإسماعيل بن عبيد بن رفاعة الأنصاري روى عنه اثنان: عبد الله بن عثمان بن خثيم ومسلم بن خالد الزَّنجي، والثاني منهما ضعيف، وذكر ابن حبان إسماعيل بن عبيد في "ثقاته"، وقد روى إسماعيل هذا الحديث عن أبيه عن عبادة كما سيأتي برقم (22786) ، وقد اختُلف في إسناده.
وأخرجه بنحوه مختصراً البزار في "مسنده" (2731) من طريق يوسف بن خالد السمتي، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة عن أبيه عن عبادة. قلنا: يوسف السمتي رمي بالكذب.
وأخرجه مختصراً الحاكم 3/357 من طريق مسلم بن خالد، عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة، عن أبيه، عن عبادة. ومسلم بن خالد ضعيف.
وأخرجه مختصراً الحاكم 3/357 من طريق زهير بن معاوية، عن إسماعيل بن عبيد، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن أبي الزبير، عن جابر، عن عبادة.
فقلب زهير أو مَن دونه إسناده، وأبو الزبير مدلس وقد عنعنه.
وأخرجه مختصراً أيضاً الحاكم 3/356 من طريق محمد بن كثير المصيصي، عن عبد الله بن واقد، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن أبي الزبير، عن جابر، عن عبادة. ومحمد بن كثير ضعيف )) .
وللحديث شاهد من حديث ابن مسعود مرفوعا بلفظ :
(( سَيَلِي أُمُورَكُمْ بَعْدِي، رِجَالٌ يُطْفِئُونَ السُّنَّةَ، وَيَعْمَلُونَ بِالْبِدْعَةِ، وَيُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ مَوَاقِيتِهَا» فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَدْرَكْتُهُمْ، كَيْفَ أَفْعَلُ؟ قَالَ: «تَسْأَلُنِي يَا ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ كَيْفَ تَفْعَلُ؟ لَا طَاعَةَ، لِمَنْ عَصَى اللَّهَ )) أخرجه أحمد (3790 ) وابن ماجة ( 2865 ) والسياق له ، والطبراني في المعجم الكبير (10361 ) من طرق عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه، عن جده عبد الله بن مسعود .
قال الزيلعي في نصب الراية ( 1 / 353 ) :
(( عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بن خيثم، وَهُوَ وَإِنْ كَانَ مِنْ رِجَالِ مُسْلِمٍ لَكِنَّهُ مُتَكَلَّمٌ فِيهِ، أَسْنَدَ ابْنُ عَدِيٍّ إلَى ابْنِ مَعِينٍ أَنَّهُ قَالَ: أَحَادِيثُهُ غَيْرُ قَوِيَّةٍ وَقَالَ النَّسَائِيّ: لَيِّنُ الْحَدِيثِ، لَيْسَ بِالْقَوِيِّ فِيهِ، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ضَعِيفٌ لَيَّنُوهُ، وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ.
وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، فَلَا يُقْبَلُ مَا تَفَرَّدَ بِهِ )) .
وقال الطحاوي في شرح مشكل الآثار ( 7 / 370 ) :
(( فَأَمَّا حَدِيثُ أَسْمَاءَ ابْنَةِ يَزِيدَ الَّذِي فِيهِ التَّصْرِيحُ بِمَا صَرَّحَ بِهِ فِيهِ فَإِنَّمَا دَارَ عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ , وَهُوَ رَجُلٌ مَطْعُونٌ فِي رِوَايَتِهِ مَنْسُوبٌ إِلَى سُوءِ الْحِفْظِ , وَإِلَى قِلَّةِ الضَّبْطِ وَرَدَاءَةِ الْأَخْذِ )) .
وإن سلم القول بأن عبد الله بن عثمان بن خثيم ثقة كما نُقل عن ابن معين والعجلي والنسائي في موضع أخر ولأنه من رجال مسلم فإن حديث ابن مسعود هذا حسن عند من يصحح سماع عبد الرحمن من أبيه عبد الله، وضعيف عند من يقول: إنه لم يسمع من أبيه إلا اليسير، فقد توفي أبوه وعمره ست سنوات .
وعليه فقول الألباني رحمه الله على حديث ابن مسعود في السلسلة الصحيحة ( 2 / 138 ) : (( إسناده جيد على شرط مسلم )) فيه نظر أو هو مقيد بمن في السند قبل عبد الرحمن ، أما عبد الرحمن عن أبيه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فليس ذلك من رجال مسلم .
وقوله [ إن صح الحديث ] : (( لَا طَاعَةَ، لِمَنْ عَصَى اللَّهَ ))، أي: فيما به يعصيه، لا مطلقاً. والله تعالى أعلم. قاله السندي كما نقل عنه محققو المسند .
أي : لا طاعة في هذه المعصية والبدع , ليس معناه أنه لا طاعة له مطلقاً . والله أعلم .
جمع وترتيب / ضاحي الغندور