السبت، 19 أغسطس 2017

زواج المسلمة من غير المسلم

بحث مختصر في
بيان بطلان زواج المسلمة من غير المسلم
▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬
📕 قال تعالى :
(( وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلِعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ )) [البقرة: 221]
📕 قال شيخ المفسرين الطبري ( ت : 310 هـ ) رحمه الله :
(( يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِذَلِكَ: أَنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ عَلَى الْمُؤْمِنَاتِ أَنْ يَنْكِحْنَ مُشْرِكًا، كَائِنًا مَنْ كَانَ الْمُشْرِكُ مِنْ أَيِّ أَصْنَافِ الشِّرْكِ كَانَ. فَلَا تُنْكِحُوهُنَّ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ مِنْهُمْ فَإِنَّ ذَلِكَ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ )) (1) .
👇 المذهب الحنفي :
▬▬▬▬▬▬
📕 قال الكاساني ( ت : 587 هـ ) رحه الله :
(( إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ مُسْلِمَةً فَلَا يَجُوزُ إنْكَاحُ الْمُؤْمِنَةِ الْكَافِرَ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا} [البقرة: 221] وَلِأَنَّ فِي إنْكَاحِ الْمُؤْمِنَةِ الْكَافِرَ خَوْفَ وُقُوعِ الْمُؤْمِنَةِ فِي الْكُفْرِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ يَدْعُوهَا إلَى دِينِهِ، وَالنِّسَاءُ فِي الْعَادَاتِ يَتْبَعْنَ الرِّجَالَ فِيمَا يُؤْثِرُونَ مِنْ الْأَفْعَالِ وَيُقَلِّدُونَهُمْ فِي الدِّينِ إلَيْهِ وَقَعَتْ الْإِشَارَةُ فِي آخِرِ الْآيَةِ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ} [البقرة: 221] لِأَنَّهُمْ يَدْعُونَ الْمُؤْمِنَاتِ إلَى الْكُفْرِ، وَالدُّعَاءُ إلَى الْكُفْرِ دُعَاءٌ إلَى النَّارِ؛ لِأَنَّ الْكُفْرَ يُوجِبُ النَّارَ، فَكَانَ نِكَاحُ الْكَافِرِ الْمُسْلِمَةَ سَبَبًا دَاعِيًا إلَى الْحَرَامِ فَكَانَ حَرَامًا، وَالنَّصُّ وَإِنْ وَرَدَ فِي الْمُشْرِكِينَ لَكِنَّ الْعِلَّةَ، وَهِيَ الدُّعَاءُ إلَى النَّارِ يَعُمُّ الْكَفَرَةَ، أَجْمَعَ فَيَتَعَمَّمُ الْحُكْمُ بِعُمُومِ الْعِلَّةِ فَلَا يَجُوزُ إنْكَاحُ الْمُسْلِمَةِ الْكِتَابِيَّ كَمَا لَا يَجُوزُ إنْكَاحُهَا الْوَثَنِيَّ وَالْمَجُوسِيَّ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ قَطَعَ وَلَايَةَ الْكَافِرِينَ عَنْ الْمُؤْمِنِينَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا} [النساء: 141] فَلَوْ جَازَ إنْكَاحُ الْكَافِرِ الْمُؤْمِنَةَ لَثَبَتَ لَهُ عَلَيْهَا سَبِيلٌ، وَهَذَا لَا يَجُوزُ )) (2) .
👇 المذهب المالكي :
▬▬▬▬▬▬
📕 قال ابن عبد البر ( ت : 463 هـ ) رحمه الله :
((وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قِصَّةَ أَبِي الْعَاصِ مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ يا ايها الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ إِلَى قَوْلِهِ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ إِجْمَاعُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ أَبَا الْعَاصِ بْنَ الرَّبِيعِ كَانَ كَافِرًا وَأَنَّ الْمُسْلِمَةَ لَا يُحِلُّ أَنْ تَكُونَ زَوْجَةً لِكَافِرٍ ))(3) .
📕 وقال القرطبي ( ت : 671 هـ ) رحمه الله
في قوله تعالى : (( وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا )) :
((أَيْ لَا تُزَوِّجُوا الْمُسْلِمَةَ مِنَ الْمُشْرِكِ. وَأَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ الْمُشْرِكَ لَا يَطَأُ الْمُؤْمِنَةَ بِوَجْهٍ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْغَضَاضَةِ عَلَى الْإِسْلَامِ. وَالْقُرَّاءُ عَلَى ضَمِّ التَّاءِ مِنْ" تَنْكِحُوا". الثَّانِيَةُ- فِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلِيلٌ بِالنَّصِّ عَلَى أَنْ لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ )) (4) .
📕 وقال أبو القاسم ابن جزي (ت : 741 ه ) رحمه الله :
(( نِكَاح كَافِر مسلمة يحرم على الاطلاق بِإِجْمَاع )) (5) .
📚 وقال العدوي ( ت : 1189ه ) رحمه الله [ في حاشيته ] :
(( وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِجْمَاعَ مُنْعَقِدٌ عَلَى حُرْمَةِ نِكَاحِ الْكَافِرِ الْمُسْلِمَةَ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَيُفْسَخُ، وَلَوْ أَسْلَمَ بَعْدَهُ وَيُؤَدَّبُ إلَّا أَنْ يُعْذَرَ بِجَهْلٍ )) (6) .
👇 المذهب الشافعي :
▬▬▬▬▬▬
📕 قال الماوردي ( ت : 450هـ ) رحمه الله :
((الْمُسْلِمَةُ لَا تَحِلُّ لِكَافِرٍ بِحَالٍ سَوَاءٌ كَانَ الْكَافِرُ كِتَابِيًّا أَوْ وَثَنِيًّا )) (7) .
📕 وقال الماوردي أيضاً رحمه الله :
(( وَإِذَا تَزَوَّجَتْ مُسْلِمَةٌ رَجُلًا عَلَى أَنَّهُ مُسْلِمٌ فَكَانَ نَصْرَانِيًّا فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ تزوجت بِغَيْرِ شَرْطٍ، لَأَنَّ الْمُسْلِمَةَ لَا تَحِلُّ لِكَافِرٍ )) (8) .
📕 وقال ابن كثير ( 774 هـ ) رحمه الله وهو معدود على الشافعيه
في قوله تعالى : (( لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ )) :
(( هَذِهِ الْآيَةُ هِيَ الَّتِي حَرّمَت الْمُسْلِمَاتِ عَلَى الْمُشْرِكِينَ، وَقَدْ كَانَ جَائِزًا فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْمُشْرِكُ الْمُؤْمِنَةَ)) (9) .
👇 المذهب الحنبلي :
▬▬▬▬▬▬
📕 قال أبو محمد موفق الدين عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة الجماعيلي المقدسي ثم الدمشقي الحنبلي، الشهير بابن قدامة المقدسي ( ت : 620هـ ) رحمه الله :
((لَا يَجُوزُ لَكَافِرٍ نِكَاحُ مُسْلِمَةٍ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ عَلَى هَذَا كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ )) (10) .
📕 وقال أبو الفرج شمس الدين عبد الرحمن بن أبي عمر محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي الجماعيلي الحنبلي (ت : 682هـ ) رحمه الله :
(( ولا يَحِلُّ لمُسْلِمَةٍ نِكاحُ كافِرٍ بحالٍ لقولِ اللهِ تعالى: { وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا } . ولقولِه سبحانه: { لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ } . ولا نَعْلَمُ خِلافًا في ذلك )) (11) .
📕 وقال ابن مفلح ( ت : 884 ه ) رحمه الله :
((لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمَةٍ نِكَاحُ كَافِرٍ بِحَالٍ) لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا )) (12) .
👇 المذهب الظاهري :
▬▬▬▬▬▬
📕 قال ابن حزم ( ت : 456 هـ ) رحمه الله :
((وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمَةٍ نِكَاحُ غَيْرِ مُسْلِمٍ أَصْلًا، وَلَا يَحِلُّ لِكَافِرٍ أَنْ يَمْلِكَ عَبْدًا مُسْلِمًا، وَلَا مُسْلِمَةً أَمَةً أَصْلًا.
بُرْهَانُ ذَلِكَ -: قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا} [البقرة: 221] .
وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا} [النساء: 141] )) (13) .
وأختم ما يسر الله لي جمعه بقوله تعالى :
(( وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )) [النحل: 116-117].
جمع وترتيب / ضاحي الغندور
ــــــــــــــــــــــــ
(1) تفسير الطبري ( 3 / 718 ) ط / دار هجر
(2) بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع ( 2 / 271 ) ط / دار الكتب العلمية
(3) التمهيد ( 12 / 21 ) ط / وزارة الأوقاف المغربية
(4) تفسير القرطبي ( 3 / 72 ) ط / دار الكتب المصرية - القاهرة
(5) القوانين الفقهية لابن جزي ( ص : 131 )
(6) حاشية العدوي ، هامش : شرح مختصر خليل للخرشي ( 3 / 206 ) ط / دار الفكر للطباعة - بيروت
(7) (8) الحاوي الكبير للماوردي ( 9 / 255 ) ( 9 / 350 ) ط / دار الكتب العلمية، بيروت
(9) تفسير ابن كثير ( 8 / 93 ) ط / دار طيبة للنشر والتوزيع
(10) المغني لابن قدامة ( 7 / 169 ) ط / مكتبة القاهرة
(11) الشرح الكبير ( 20 / 345 ) ط / هجر للطباعة ، مصر
(12) المبدع في شرح المقنع لابن مفلح ( 6 / 139 ) ط / دار الكتب العلمية، بيروت

(13) المحلى بالآثار لابن حزم ( 9 / 19 ) ط / دار الفكر – بيروت