الثلاثاء، 25 يوليو 2017

يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله محمد الأمين صلى الله عليه وسلم وبعد :
📕 ليست العبرة بالمال الذي يدخل على أهل البيت في اليوم أو في الشهر كم مقداره ،
📕 إنما العبرة هل هذا المال يكفيهم أم لا يكفيهم ؟
📕 فقد يتقاضي شخص ألفاً وليس بطالب علم شرعي يحتاج وقتاً للتفرغ أو كتباً لينتفع بها وينفع بها الأمة وليس عليه ديون وليس عنده مرض أو مرضى في بيته فيكفيه ذلك .
📕 وقد يتقاضى شخص عشرة ألاف وليس بطالب علم شرعي أو هو طالب علم شرعي يحتاج وقتاً للمذاكرة والتفرغ أو كتباً ليشتريها فلا يشتري له هذا المبلغ أربعة أو خمسة كتب من الكتب الأمهات التي لا غنى لطالب علم عنها لينتفع بها وينفع بها الأمة أو عليه ديون أو عنده مرض أو مرضى في بيته أو يعول أشخاصاً أكثر مما يعول الأول فلذلك تجد هذا المبلغ لا يكفيه .
📕 قال تعالى :
(( أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا )) [ الكهف : 79 ] .
📕 وقال رسوله صلى الله عليه وسلم :
((« لَيْسَ الْمِسْكِينُ بِهَذَا الطَّوَّافِ الَّذِي يَطُوفُ عَلَى النَّاسِ، فَتَرُدُّهُ اللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ، وَالتَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ » قَالُوا، فَمَا الْمِسْكِينُ ؟ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: « الَّذِي لَا يَجِدُ غِنًى يُغْنِيهِ، وَلَا يُفْطَنُ لَهُ، فَيُتَصَدَّقَ عَلَيْهِ، وَلَا يَسْأَلُ النَّاسَ شَيْئًا » ))(1) .
📕 قال الشافعي :
(( الْفَقِيرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مَنْ لَا مَالَ لَهُ وَلَا حِرْفَةَ تَقَعُ مِنْهُ مَوْقِعًا زَمِنًا كَانَ أَوْ غَيْرَ زَمِنٍ سَائِلًا كَانَ أَوْ مُتَعَفِّفًا وَالْمِسْكِينُ مَنْ لَهُ مَالٌ أَوْ حِرْفَةٌ لَا تَقَعُ مِنْهُ مَوْقِعًا وَلَا تُغْنِيهِ سَائِلًا كَانَ أَوْ غَيْرَ سَائِلٍ )) (2) .
👇 السفينة :
📕 قال زين الدين الحنفي الرازي في مختار الصحاح :
(( وَ ( الْفُلْكُ ) السَّفِينَةُ وَاحِدٌ وَجَمْعٌ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: { فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ } [الشعراء: 119] فَأَفْرَدَ وَذَكَّرَ. وَقَالَ تَعَالَى: { وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ } [البقرة: 164] فَأَنَّثَ. وَيَحْتَمِلُ الْإِفْرَادَ وَالْجَمْعَ. وَقَالَ تَعَالَى: {حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ} [يونس: 22] فَجَمَعَ وَكَأَنَّهُ يُذْهَبُ بِهَا إِذَا كَانَتْ وَاحِدَةً إِلَى الْمَرْكَبِ فَيُذَكَّرُ وَإِلَى السَّفِينَةِ فَيُؤَنَّثُ )) (3) .
📕 وقال ابن منظور : (( رُوِيَ عَنِ الأَصمعي أَنه قَالَ: الْمِسْكِينُ أَحسن حَالًا مِنَ الْفَقِيرِ، وإِليه ذَهَبَ أَحمد بْنُ عُبَيْد، قَالَ: وَهُوَ الْقَوْلُ الصَّحِيحُ عِنْدَنَا لأَن اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ ؛ فأَخبر أَنهم مَسَاكِينُ وأَن لَهُمْ سَفينة )) (4) .
📕 ثم نقل ابن منظور الكلام في موضع أخر بلفظ أخر فيه أن السفينة هي الفلك فقال :
(( ويُرْوى عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ أَنه قَالَ: كأَن الفَقِيرَ إِنما سُمِّي فَقِيراً لِزَمانةٍ تُصِيبُهُ مَعَ حَاجَةٍ شَدِيدَةٍ تَمْنَعُهُ الزَّمانةُ مِنَ التَّقَلُّب فِي الْكَسْبِ عَلَى نَفْسِهِ فَهَذَا هُوَ الفَقِيرُ. الأَصمعي: الْمِسْكِينُ أَحسن حَالًا مِنَ الفَقِيرِ، قَالَ: وَكَذَلِكَ قَالَ أَحمد بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ أَبو بَكْرٍ: وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَنَا لأَن اللَّهَ تَعَالَى سَمَّى مَنْ لَهُ الفُلْك مِسْكِينًا، فَقَالَ: أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ؛ وَهِيَ تُسَاوِي جُمْلة )) (5) .
جمع وترتيب / ضاحي الغندور
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) صحيح البخاري ( 1476 ) صحيح مسلم (1039 ) واللفظ له ، سنن أبي داود ( 1631 ) سنن النسائي ( 2572 ) مسند أحمد ( 9111 ) .
(2) الأم ( 2 / 77 ) ط / دار المعرفة – بيروت .
(3) مختار الصحاح ( ص : 243 ) ط / المكتبة العصرية - الدار النموذجية، بيروت – صيدا .
(4) لسان العرب ( 3 / 215 ) ط / دار صادر – بيروت .
(5) لسان العرب ( 5 / 60 ) ط / دار صادر - بيروت