الاثنين، 4 سبتمبر 2017

خطبة جمعة يوم العيد

المقدمة ....
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 
📕 أما بعد فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله جل وعلا فهي وصية الله للأولين والآخرين قال سبحانه : (( وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا )) [ النساء 132 ]
📕 إخوة الإيمان والإسلام أخرج أبو داود في سننه وابن ماجة في سننه والحديث صححه الألباني رحم الله الجميع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
(( قَدِ اجْتَمَعَ فِي يَوْمِكُمْ هَذَا عِيدَانِ، فَمَنْ شَاءَ أَجْزَأَهُ مِنَ الْجُمُعَةِ، وَإِنَّا مُجَمِّعُونَ )) .
📕 والشاهد من الحديث عباد الله أنه من صلى العيد في المصلى وصلى الجمعة في بيته ظهرا أي أربع ركعات فلا إثم عليه ، ومن حضر إلى المسجد واستمع لخطبة الجمعة وصلى مع الناس فأجره على الله وهذا هو فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال في أخر الحديث وإنا مجمعون .
📕 عباد الله حثنا ربنا جل وعلا على تقوه في أيام الحج فقال : (( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ )) [البقرة: 197]،
📕 وحين أمر سبحانه بإتمام الحج والعمرة ختمَ الآيةَ بقوله : (( وَاتَّقُواْ اللهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ )) [البقرة:196]،
📕 وحين ذكرَ آخرَ المناسِك أوصى سبحانه بتقواه فقال : (( وَاتَّقُواْ اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُون )) [البقرة:203].
📕 وسُورة الحجِّ، وهي سورةٌ كاملةٌ ذكر فيها سبحانه مُعظمَ مناسكِ الحجِّ، فأوصى في أولها بتقواه فقال جل شأنه : (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ (2) )) .
📕 فلنحرص عباد الله على تقوه حتى يتقبل منا  ، فكم من مضحي أموال أضحيته من ميراث أخته التي ظلمها ، وكم من مضحي أموال أضحيته من الربا الذي أقترفه ، وكم من مضحي ضحى للسمعة والرياء قال تعالى : (( لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ )) .
📕 فالتقوى  عباد الله شرط لقبول الأعمال الصالحة قال تعالى :
(( إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ )) .
📕 واعلموا عباد الله أن العيد شعيرة من شعائر الله يحيه المسلم بتوحيد الله وباتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بفهم السلف الصالح لا بالشرك والبدع والخرافات فلا طريق يوصلنا إلا الله إلا طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال في الصلاة : (( صلوا كما رأيتموني أصلي )) وقال في الحج : (( خذوا عني مناسككم )) وقال : (( إِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ )) .
📕 عباد الله خطب رسول الله في حَجة الوداع فكان مما أكد عليه في خطبته أن حذر  من عواقِبِ التفرُّق والتحزُّب فقال صلى الله عليه وسلم : (( إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، وَسَتَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ فَيَسْأَلُكُمْ عَنْ أَعْمَالِكُمْ، أَلاَ فَلاَ تَرْجِعُوا بَعْدِي ضُلَّالًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ )) [ خ ، م ] .
 📕 ثم أكد صلى الله عليه وسلم على ترك أمور الجاهلية التي تخالف سماحة هذا الدين الحنيف فقال صلى الله عليه وسلم : (( أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمَيَّ مَوْضُوعٌ )) .
📕 عبد الله إن لم تصلح قلبك يوم العيد من الحقد والحسد والضغينة فمتى تصلحه ؟ إن لم تسعى للإصلاح بين الناس في هذه الأيام فمتى تسعى للإصلاح بينهم ؟ فدع العصبية الجاهلية فلك في رسول الله أسوة حسنة وقد قال : (( أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمَيَّ مَوْضُوعٌ )) .
📕 فالمصلح بين الناس أجره عظيم عند الله :قال تعالى : (( لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْl ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا )) .
وقال سبحانه : (( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ )) [الحجرات: 10].
📕 وأخرج الإمام أحمد في مسنده والترمذي في سننه وقال حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وصححه الألباني رحم الله الجمين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
(( أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصَّلَاةِ، وَالصِّيَامِ، وَالصَّدَقَةِ؟ " قَالُوا: بَلَى قَالَ: " إِصْلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ قَالَ  : وَفَسَادُ ذَاتِ الْبَيْنِ هِيَ الْحَالِقَةُ )) .
زاد الترمذي رواية بصيغة التضعيف فقال : وَيُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: (( هِيَ الحَالِقَةُ لَا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعَرَ، وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ )) .
📕 ولا تنسوا عباد الله صلة الأرحام في عيدكم هذا فالفرصة أمامكم أخرج البخاري في صحيحه أن رسول الله صلى الله علسه وسلم قال : ((مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، وَأَنْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ )) .
📕 وروى عبد الله ابْن الإِمَام أَحْمد فِي زوائده والحاكم وَالْبَزَّار بِإِسْنَاد جيد كما قال الحافظ المنذري في الترغيب والرهيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُمَدَّ لَهُ فِي عُمْرِهِ، وَيُوَسَّعَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، وَيُدْفَعَ عَنْهُ مِيتَةُ السُّوءِ، فَلْيَتَّقِ اللهَ وَلْيَصِلْ رَحِمَهُ )) .
📕 إخوة الإيمان والإسلام يوم العيد يوم فرح وابتهاج وتزاور وامتنان ومحبة وأخوة وألفة وبسمة عريضة على الوجوه وفرحة كبيرة في القلوب تلقى بها إخوانك المؤمنين فتهنهم ويهنئؤك وتفتح معهم صفحة جديدة لا خصام ولا شقاق ولا عداوة ولا بغضاء ؛ ولكن محبة وأخوة وألفة وتسامح منتهزين فرصة هذا اليوم الطيب فنعفوا عمن ظلمنا ونعطي من حرمنا ونحسن إلى من أساء إلينا ونزورُ إخواننا في الله ونصل أقربائنا ونود أرحامنا ونكثر من التقرب إلى الله بالطاعات ونخفف الكرب عن المكروبين ونمسح رؤوس اليتاما المحتاجين حتى تعم الفرحة جميع بيوت المسلمين ويشمل السرور كل مواطن المؤمنين وحتى يملأ الإيمان قلوبنا ونشعر بعظمة ديننا فهكذا وصف المؤمنين ربنا فقال : (( إنما المؤمنون لإخوة )) .

جمع وترتيب / ضاحي الغندور