الجمعة، 25 أغسطس 2017

وقفات مع الأيام العشر وعيد الأضحى ( خطبة مكتوبة )

وقفات مع الأيام العشر وعيد الأضحى
( خطبة مكتوبة )
▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬
المقدمة
▬▬
📕 أما بعد فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله جل وعلا فهي وصية الله للأولين والآخرين قال سبحانه : (( وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا )) [ النساء 132 ]
📕 وهان نحن إخوة الإيمان والإسلام نعيش في أيام العشر الأول من ذي الحجة الأيام التي أقسم الله بها في كتابه فقال : (( والفجر وليالي عشر )) ،  والتي قال فيها رسوله صلى الله عليه وسلم : ((  مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ )) قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ؟ قَالَ : (( وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ، إِلا رَجُلًا خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، ثُمَّ لَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ )) أخرجه أحمد وغيره من أصحاب السنن وهو صحيح على شرط الشيخين
📕 ولقد أكد الله سبحانه على تقواه في آيات الحج فقال جل شأنه :
(( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ )) [البقرة: 197]،
📕 وحين أمر سبحانه بإتمام الحج والعمرة ختمَ الآيةَ بقوله سبحانه  : (( وَاتَّقُواْ اللهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ )) [البقرة:196]،
📕 وحين ذكرَ آخرَ المناسِك أوصى سبحانه بتقواه فقال :
(( وَاتَّقُواْ اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُون )) [البقرة:203].
📕 وسُورة الحجِّ، وهي سورةٌ كاملةٌ ذكر فيها سبحانه مُعظمَ مناسكِ الحجِّ، فأوصى في أولها بتقواه فقال جل شأنه : (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ (2) )) .
📕 وختم سبحانه هذه السورة بقوله تعالى : (( فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78) )) .
📕 إخوة الإيمان والإسلام الحج دروس وعبر ويجب علينا أن نعلم أنه لا سعادةَ ولا نجاحَ ولا توفيقَ إلا باتباع النبي صلى الله عليه وسلم والسير على نهجِه في الاعتقادات ، وفي الأعمال، وفي الحكم والتحاكُم، وفي الأخلاق والسلوك ؛ لذا كان صلى الله عليه وسلم في كل مناسِكِ الحجِّ يُذكِّرُ بهذا المبدأ فيقول : (( خُذُوا عنِّي مناسِكَكم )) .
📕 ولنعلم إخوة الإيمان والإسلام أنه لا رابطةَ تربِطُ المُسلمين إلا رابطةُ التوحيد، ولا نسبَ ثابتٌ لهم إلا نسَبُ الدين، فالله سبحانه لم يفرق في الحج بين غني وفقير أو بين وزير وغفير بل جعل الناس سواسية فقال : (( ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ )) [البقرة: 199].
📕 إخوة الإيمان والإسلام بل حذر النبي صلى الله عليه وسلم في خُطبة حَجة الوداع من عواقِبِ التفرُّق والتحزُّب فقال صلى الله عليه وسلم : (( إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، وَسَتَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ فَيَسْأَلُكُمْ عَنْ أَعْمَالِكُمْ، أَلاَ فَلاَ تَرْجِعُوا بَعْدِي ضُلَّالًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ )) [ خ ، م ] .
📕 ثم أكد صلى الله عليه وسلم على ترك أمور الجاهلية التي تخالف سماحة هذا الدين الحنيف فقال صلى الله عليه وسلم : (( أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمَيَّ مَوْضُوعٌ، وَدِمَاءُ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ، وَإِنَّ أَوَّلَ دَمٍ أَضَعُ مِنْ دِمَائِنَا دَمُ ابْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ، كَانَ مُسْتَرْضِعًا فِي بَنِي سَعْدٍ فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ، وَرِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ، وَأَوَّلُ رِبًا أَضَعُ رِبَانَا رِبَا عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ كُلُّهُ )) .
📕 ورغم هذا الزحام الشديد الذي كان في حجة الوداع فقد تفاوتت الروايات في عدد المسلمين في حجة الوداع فبعض الروايات تذكر أنهم كانوا سبعين ألفاً ، وبعضها تذكر بأنهم كانوا مائةَ وأربعةَ وعشرين ألفاً فرغم هذا الزحام الشديد لم ينسِ صلى الله عليه وسلم الوصية بالنساء فقال صلى الله عليه وسلم : (( فَاتَّقُوا اللهَ فِي النِّسَاءِ، فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللهِ )) .
📕 ولا تنسوا عباد الله فضائل يوم عرفة الذي أنزل الله فيه قوله :
(( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا )) [المائدة: 2]. هذه الآية العظيمة التي قال عنها اليهود وقد فهموا معناها .. لو نزلت علينا معشر اليهود لاتخذنا ذلك اليوم عيدا .
📕 فمن فضائل يوم عرفة أن الله أقسم به فقال : (( وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ (1) وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ (2) وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ )) [البروج: 3].
أخرج [ ذ ] والحديث حسنه الألباني أن رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال : (( الْيَوْمُ الْمَوْعُودُ يَوْمُ الْقِيَامَةِ ، وَالْيَوْمُ الْمَشْهُودُ يَوْمُ عَرَفَةَ وَالشَّاهِدُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ )).
📕 ومن فضائل يومِ عرفة أنه أفضل الأيام فقد أخرج مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمِ الْمَلَائِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ ؟ )) . وأخرج ابن حبان في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( مَا مِنْ يوْمٍ أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ يوْمِ عَرَفَةَ يَنْزِلُ اللَّهُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيُبَاهِي بِأَهْلِ الْأَرْضِ أَهْلَ السَّمَاءِ، فَيَقُولُ: انْظُرُوا إِلَى عبادي شعثا غبراً ضاحين جاؤوا مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ يَرْجُونَ رَحْمَتِي، وَلَمْ يَرَوْا عَذَابِي، فَلَمْ يُرَ يَوْمٌ أَكْثَرُ عِتْقًا من النار من يوم عرفة )) .
📕 ومن فضائل يوم عرفة أنه يوم يرجى فيه إجابة الدعاء فقد أخرج [ ذ ] والحديث حسنه الألباني وضعفه غيره أنه  : (( خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ )) .
 📕 وأما عن فضل الصيام في يوم عرفة فقد أخرج مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ )) .
 📕 إخوة الإيمان والإسلام عيدنا في هذا العام يأتينا يوم الجمعة إن شاء الله وعليه فإنه يجب على أئمة المساجد إقامة صلاة الجمعة في ذلك اليوم ليشهدها من شاء ومن لم يشهد العيد ، وأما من حضر صلاة العيد فيرخص له في عدم حضور صلاة الجمعة، ويصليها في بيته ظهراً أي أربع ركعات في وقت الظهر، وإن أخذ بالعزيمة فصلى مع الناس الجمعةَ فهو أفضل لما أخرجه أبو داود وابن ماجة وصححه البوصيري والألباني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( قَدِ اجْتَمَعَ فِي يَوْمِكُمْ هَذَا عِيدَانِ، فَمَنْ شَاءَ أَجْزَأَهُ مِنَ الْجُمُعَةِ، وَإِنَّا مُجَمِّعُونَ )) .
📕 إخوة الإيمان والإسلام والأضحية سنة مؤكدة عند جمهور أهل العلم , وأوجبها بعضهم لمن كانت عنده القدرة عليها .
📕 وينبغي علينا أن نكثر من ذكر الله في هذه الأيام قال تعالى : (( وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ )) وقال سبحانه (( وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ )) . قال البخاري في صحيحه : قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : (( وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ: أَيَّامُ العَشْرِ، وَالأَيَّامُ المَعْدُودَاتُ: أَيَّامُ التَّشْرِيقِ )) وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ : (( يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِي أَيَّامِ العَشْرِ يُكَبِّرَانِ، وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا )) .
📕 وأنبه في ختام الخطبة على أمر هام
وهو أن كثير من الناس إذا جاء عيد من أعياد الكفار فرحوا به وهنئوا أهله وهذا لا يجوز شرعاً وإذا جاء عيد الفطر أو الأضحى نكدوا على المسلمين عيدهم وتذكروا موتاهم وتسخطوا على قدر ربهم في هذا اليوم العظيم الذي أمر الله فيه بإظهار الفرح بفضْله ورحمته ، وهو  وفرصة عظيمة لصفاء النفوس، ووحدة الكلمة، وتجديد الحياة فهو شعيرة من شعائر الله قال تعالى : (( ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ )) .
الدعاء ....

جمع وترتيب / ضاحي الغندور