الأحد، 1 أكتوبر 2017

الحراسة ليست دليل على الظلم

📕 دائما ما يأتي تلامذة الخوارج أو تلامذة البغاة بصورة أو مقطع فيه مشهد لحاكم مسلم وحوله حراسته الأمنية فيطعنوا فيه بهذه الحراسة لأنهم بطبعهم يريدون منصبه ويتجاهلون الحديث المتفق عليه عن عائشة رضي الله عنها قالت : (( سَهِرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقْدَمَهُ الْمَدِينَةَ، لَيْلَةً، فَقَالَ : « لَيْتَ رَجُلًا صَالِحًا مِنْ أَصْحَابِي يَحْرُسُنِي اللَّيْلَةَ » قَالَتْ : فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ سَمِعْنَا خَشْخَشَةَ سِلَاحٍ، فَقَالَ : « مَنْ هَذَا ؟ » قَالَ : سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « مَا جَاءَ بِكَ ؟ » قَالَ : وَقَعَ فِي نَفْسِي خَوْفٌ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجِئْتُ أَحْرُسُهُ، فَدَعَا لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ نَامَ )) (1)
📕 ثم يستدل أصحاب الفتن هؤلاء على الصورة أو على المقطع بمقولة : (( حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا عمر )) .
وسؤالنا لهم :
📕 هل الزمن الذي قُتل فيه عمر رضي الله عنه لم يكن عمر عادلاً ؟! أم أن الحقيقة في المجتمع مخربين من أمثالهم لو جاءهم حاكم بعدل عمر لحسدوه وقتلوه إن تمكنوا من ذلك كما قُتل عمر رضي الله عنه ؟
📕 وعليه أقول لا يوجد أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم معصوم لا حاكم ولا محكوم فالحراسة ليست دليل على الظلم كما يقول هؤلاء الكاذبون أصحاب البدع والفتن ، [ وفي نفس الوقت لا نبرر للحكام ظلمهم ونسأل الله أن يعينهم على نشر التوحيد والسنة وإقامة العدل بين الناس ] ، ولو كانت الحراسة دليل على الظلم ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله السابق ، أم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم في نظرهم لم يكن عادلاً فاحتاج للحراسة ؟
📕 قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
(( وَتَتَبَّعَ بَعْضُهُمْ [ أي : العلماء ] أَسْمَاءَ مَنْ حَرَسَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجُمِعَ مِنْهُمْ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَالزُّبَيْرُ وَأَبُو أَيُّوبَ وَذَكْوَانُ بْنُ عَبْدِ الْقَيْسِ والأدرع السّلمِيّ وبن الْأَدْرَعِ وَاسْمُهُ مِحْجَنٌ وَيُقَالُ سَلَمَةُ وَعَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ وَالْعَبَّاسُ وَأَبُو رَيْحَانَةَ وَلَيْسَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ فِي الْوَقَائِعِ الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا حَرَسَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحْدَهُ بَلْ ذُكِرَ فِي مُطْلَقِ الْحَرَسِ فَأَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ خَاصًّا بِهِ كَأَبِي أَيُّوبَ حِينَ بِنَائِهِ بِصَفِيَّةَ بَعْدَ الرُّجُوعِ مِنْ خَيْبَرَ وَأَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ حَرَسَ أَهْلُ تِلْكَ الْغَزْوَةِ كَأَنَسِ بْنِ أَبِي مَرْثَدٍ وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى )) (2) .
📕 وهذا عثمان رضي الله عنه اجتمع كثير من الصحابة حول بيته ليحرسوه من الفساق ورغم ذلك تغلب عليهم الفساق وقتلوه رضي الله عنه ، فهل حراسة الصحابة له من هؤلاء الفساق أو قتله من قبل هؤلاء الفساق دليل على أنه كان من الظالمين ؟
وبما أن أساليب الاغتيالات تتغير وتتطور بتطور الأسلحة فقديماً كان يتربص مبتغي الفتنة لقتل الحاكم المسلم بسيف أو خنجر أو يرميه برمح من بُعد أمتار ، أما الآن فمبتغي الفتنة في بلاد المسلمين يتربص لقتل الحاكم المسلم [ أو الحاكم الكافر الزائر لبلاد المسلمين أو سفير الكفار أو رسولهم ممن دخلوا بلد المسلمين بعقد أمان ] بزرع المفرقعات أو رمي الموكب بالأسلحة التي تَرمي من بعيد [ كالار بي جي وغيره ] فما المانع إذا أن يقوم جهاز الأمن بتنشيط المكان قبل مرور الموكب بأيام وزيادة عدد جنود الحراسة بما تقضيه المصلحة حفظاً للأمن العام ؟
📕 فالمتبعون للسلف الصالح حقاً هم أكثر من يحذرون من الفتن ويحافظون على الأمن العام ، لأنهم أكثر من يحرصون على التوحيد ويخافون من الشرك ؛ لأن الأمن سبب من أسباب إقام التوحيد واجتناب الشرك قال الله تعالى عن إبراهيم عليه السلام : (( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا البَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ )) [ إبراهيم : 36 ] .
📕 والخلاصة أقول إن الحراسة ليست دليل على الظلم بل يُحرس العادل كما مر ذكره وما هي إلا سبب من الأسباب التي أخذ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم لكنها لا تمنع من قدر مكتوب قال تعالى : (( فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ )) [ الأعراف : 34 ] .
ونسأل الله أن يحفظ بلاد المسلمين اللهم آمين .
وكتبه / ضاحي الغندور
ـــــــــــــــــــــــ
(1) صحيح البخاري ( 2885 ) ، صحيح مسلم ( 2410 ) .

(2) فتح الباري : ( 13 / 219 ) دار المعرفة - بيروت .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق